في صدر السورة قوله: * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) * (النساء / 3).
فلا مناص عن احتمال آخر، وهو: أنه يهدف إلى بيان حلية النكاح الذي يبتغى بالأموال بحيث يكون للمال (الصداق) هناك دور واسع. بحيث لولاه لبطل، أو لما تحقق. فيوضح قوله: * (ما وراء ذلكم) * بقوله: * (أن تبتغوا بأموالكم) * وليس ذلك إلا نكاح المتعة، لا النكاح الدائم، فإن الصداق في الثاني ليس بركن، بل يجوز تركه قال سبحانه: * (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة) * (البقرة / 236) قال ابن قدامة: ويستحب أن لا يعرى النكاح عن تسمية الصداق، لأن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " كان يزوج بناته وغيرهن ويتزوج، فلم يكن يخلي ذلك من صداق (1).
وهذا بخلاف المتعة، فإن الأجل والصداق فيها ركن، تبطل بترك واحد منهما، قال الإمام الصادق: " لا تكون متعة إلا بأمرين: أجل مسمى، وأجر مسمى " (2) ولأجل ذلك صح الإتيان بفاء التفريع.
ثم وصف الزوج بأن يكون محصنا لا زانيا وقال: * (محصنين غير مسافحين) * بأن يكون اللقاء بنية الزواج لا الزنا، وبما أن عقد المتعة ربما ينحرف عن مجراه ومسيره الصحيح فيتخذ لنفسه لون السفاح لا الزواج، أمر سبحانه بأن يكون الهدف هو الزواج لا السفاح. فصار ذلك أيضا مصححا لدخول الفاء في الجملة لما فيها من الإيماء إلى ما ربما يكون الرجل فيه زانيا لا متزوجا.