والمحن ما لا يمكن للعقول أن تحتملها ولا أن تتصورها، فإن الشيوعيين طيلة تسلطهم على المناطق الإسلامية قلبوا لهم ظهر المجن، فصادروا أموالهم وأراضيهم، ومساكنهم، ومساجدهم، ومدارسهم، وأحرقوا مكتباتهم، وقتلوا كثيرا منهم قتلا ذريعا ووحشيا، فلم ينج منهم إلا من اتقاهم بشئ من التظاهر بالمرونة، وإخفاء المراسم الدينية، والعمل على إقامة الصلاة في البيوت إلى أن نجاهم الله سبحانه بانحلال تلك القوة الكافرة، فبرز المسلمون إلى الساحة من جديد، فملكوا أرضهم وديارهم، وأخذوا يستعيدون مجدهم وكرامتهم شيئا فشيئا، وما هذا إلا ثمرة من ثمار التقية المشروعة التي أباحها الله تعالى لعباده بفضله وكرمه سبحانه على المستضعفين.
فإذا كان هذا معنى التقية ومفهومها، وكانت هذه غايتها وهدفها، فهو أمر فطري يسوق الإنسان إليه قبل كل شئ عقله ولبه، وتدعوه إليه فطرته، ولأجل ذلك يستعملها كل من ابتلي بالملوك والساسة الذين لا يحترمون شيئا سوى رأيهم وفكرتهم ومطامعهم وسلطتهم ولا يترددون عن التنكيل بكل من يعارضهم في ذلك، من غير فرق بين المسلم - شيعيا كان أم سنيا - وغيره، ومن هنا تظهر جدوى التقية وعمق فائدتها.
ولأجل دعم هذا الأصل الحيوي ندرس دليله من القرآن والسنة.
دليلها في القرآن والسنة:
شرعت التقية بنص القرآن الكريم حيث وردت جملة من الآيات الكريمة (1) سنحاول استعراضها في الصفحات التالية: