الاجتهاد مقابل النص:
التحق النبي الأكرم بالرفيق الأعلى وقد حدث بين المسلمين اتجاهان مختلفان، وصراعان فكريان، فعلي ومن تبعه من أئمة أهل البيت، كانوا يحاولون التعرف على الحكم الشرعي من خلال النص الشرعي آية ورواية، ولا يعملون برأيهم أصلا، وفي مقابلهم لفيف من الصحابة يستخدمون رأيهم للتعرف على الحكم الشرعي من خلال التعرف على المصلحة ووضع الحكم وفق متطلباتها.
إن استخدام الرأي فيما لا نص فيه، ووضع الحكم وفق المصلحة أمر قابل للبحث والنقاش، إنما الكلام في استخدامه فيما فيه نص، فالطائفة الثانية كانت تستخدم رأيها تجاه النص، لا في خصوص ما لا نص فيه من كتاب أو سنة بل حتى فيما كان فيه نص ودلالة.
يقول أحمد أمين المصري: ظهر لي أن عمر بن الخطاب كان يستعمل الرأي في أوسع من المعنى الذي ذكرناه، وذلك أن ما ذكرناه هو استعمال الرأي حيث لا نص من كتاب ولا سنة، ولكنا نرى الخليفة سار أبعد من ذلك، فكان يجتهد في تعرف المصلحة التي لأجلها نزلت الآية أو ورد الحديث، ثم يسترشد بتلك المصلحة في أحكامه، وهو أقرب شئ إلى ما يعبر عنه الآن بالاسترشاد بروح القانون لا بحرفيته (1).
إن الاسترشاد بروح القانون الذي أشار إليه أحمد أمين أمر، ونبذ النص والعمل بالرأي أمر آخر، ولكن الطائفة الثانية كانوا ينبذون النص ويعملون بالرأي،