العباسيين والعثمانيين - أي ضغط على الشيعة، ولم تكن بلادهم وعقر دارهم مخضبة بدمائهم والتاريخ خير شاهد على ذلك، كان من المعقول أن تنسى الشيعة كلمة التقية وأن تحذفها من ديوان حياتها، ولكن ياللأسف إن كثيرا من إخوانهم كانوا أداة طيعة بيد الأمويين والعباسيين الذين كانوا يرون في مذهب الشيعة خطرا على مناصبهم، فكانوا يؤلبون العامة من أهل السنة على الشيعة يقتلونهم ويضطهدونهم وينكلون بهم، ولذا ونتيجة لتلك الظروف الصعبة لم يكن للشيعة، بل لكل من يملك شيئا من العقل وسيلة إلا اللجوء إلى التقية أو رفع اليد عن المبادئ المقدسة التي هي أغلى عنده من نفسه وماله.
والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى أو أن تعد، إلا أنا سنستعرض جانبا مختصرا منها: فمن ذلك ما كتبه معاوية بن أبي سفيان باستباحة دماء الشيعة أينما كانوا وكيفما كانوا، وإليك نص ما ذكرته المصادر عن هذه الواقعة لتدرك محنة الشيعة:
بيان معاوية إلى عماله:
روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب " الأحداث " قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة، وعلى كل منبر، يلعنون عليا ويبرأون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة، لكثرة من بها من شيعة علي - عليه السلام - فاستعمل عليها زياد بن سمية، وضم إليه البصرة، فكان يتبع الشيعة وهو بهم