كما أريد من قوله: * (محصنات غير مسافحات) *. هو الإحصان بالعفة.
وأريد: من قوله: * (أن ينكح المحصنات المؤمنات) *. وقوله: * (نصف ما على المحصنات من العذاب) *. الإحصان بالحرية.
إلى هنا تبين المقصود من الإحصان واتضح أن المراد من قوله * (محصنين غير مسافحين) * هو كونهم متزوجين، كما أن المراد من قوله * (محصنات غير مسافحات) * أي كونهن عفائف (1).
هذا حول الإحصان، وأما السفح فهو في اللغة بمعنى صب الماء، يقال:
سفحت الماء: إذا صببته. ودم مسفوح أي مراق، والسفاح: الزنا مأخوذ من سفحت الماء إذا صببته. وفي الحديث أوله سفاح وآخره نكاح، والمراد أن المرأة تسافح رجلا مدة ثم يتزوجها بعد ذلك.
إذا تبين ذلك تقف على أن المراد من قوله: * (غير مسافحين) * هو غير زانين كما هو الحال في قوله: * (غير مسافحات) * وذلك بحكم كونهما قرينين ل " محصنين " أو " محصنات ".
فقوله سبحانه في الآية: * (محصنين غير مسافحين) * يدعو إلى أن مباشرة الرجل للمرأة يجب أن يكون بالتزويج، لا بالزنا، كما أن قوله سبحانه في الآية الثانية: * (محصنات غير مسافحات) * يدعو إلى أن الأمة التي يباشرها الرجل يجب أن تكون عفيفة لا زانية، والهدف هو الدعوة إلى التزوج والنهي عن الزنا، لا الدعوة إلى تكوين النسل والنهي عن مطلق صب الماء.