والعرض والمال من التعرض؟!
ويظهر صدق ذلك إذا وقفنا على ورودها في التشريع الإسلامي، ولو كانت من قسم النفاق، لكان ذلك أمرا بالقبيح ويستحيل على الحكيم أن يأمر به: * (قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) * (1).
غايتها:
الغاية من التقية: هي صيانة النفس والعرض والمال، وذلك في ظروف قاهرة لا يستطيع فيها المؤمن أن يعلن عن موقفه الحق صريحا خوفا من أن يترتب على ذلك مضار وتهلكة من قوى ظالمة غاشمة كممارسة الحكومات الظالمة الارهاب، والتشريد والنفي، والقتل والتنكيل، ومصادرة الأموال، وسلب الحقوق الحقة، فلا يكون لصاحب العقيدة الذي يرى نفسه محقا محيص عن إبطانها، والتظاهر بما يوافق هوى الحاكم وتوجهاته حتى يسلم من الاضطهاد والتنكيل والقتل، إلى أن يحدث الله أمرا.
إن التقية سلاح الضعيف في مقابل القوي الغاشم، سلاح من يبتلى بمن لا يحترم دمه وعرضه وماله، لا لشئ إلا لأنه لا يتفق معه في بعض المبادئ والأفكار.
إنما يمارس التقية من يعيش في بيئة صودرت فيها الحرية في القول والعمل، والرأي والعقيدة فلا ينجو المخالف إلا بالصمت والسكوت مرغما أو بالتظاهر بما يوافق هوى السلطة وأفكارها، أو قد يلجأ إليها البعض كوسيلة لابد منها من أجل إغاثة الملهوف المضطهد والمستضعف الذي لا حول له ولا قوة،