حدها:
قد تعرفت على مفهوم التقية وغايتها، ودليلها، بقي الكلام في تبيين حدودها، فنقول:
عرفت الشيعة بالتقية وأنهم يتقون في أقوالهم وأفعالهم، فصار ذلك منشأ لوهم عالق بأذهان بعض السطحيين والمغالطين، فقالوا: بما أن التقية من مبادئ التشيع فلا يصح الاعتماد على كل ما يقولون ويكتبون وينشرون، إذ من المحتمل جدا أن تكون هذه الكتب دعايات والواقع عندهم غيرها. هذا ما نسمعه منهم مرة بعد مرة.
ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أن مجال التقية إنما هو في حدود القضايا الشخصية الجزئية عند وجود الخوف على النفس والنفيس، فإذا دلت القرائن على أنه في إظهار العقيدة أو تطبيق العمل على مذهب أهل البيت يحتمل أن يدفع بالمؤمن إلى الضرر يصبح هذا المورد من مواردها، ويحكم العقل والشرع بلزوم الاتقاء حتى يصون بذلك نفسه ونفيسه عن الخطر. وأما الا مور الكلية الخارجة عن إطار الخوف فلا تتصور فيها التقية، والكتب المنتشرة من جانب الشيعة داخلة في هذا النوع الأخير، إذ لا خوف هناك حتى يكتب خلاف ما يعتقد، حيث ليس هناك لزوم للكتابة أصلا في هذه الحال فله أن يسكت ولا يكتب شيئا.
فما يدعيه هؤلاء أن هذه الكتب دعايات لا واقعيات ناشئ عن قلة معرفتهم بحقيقة التقية عند الشيعة. والحاصل: أن الشيعة إنما كانت تتقي في عصر لم تكن