قيم - مع تبريره عمل الخليفة بما ذكر - ببيان ما ترتب عليه من شماتة أعداء الدين عليه، وها نحن ننقل نص كلامه:
جزاء الانحراف عن الطريق المهيع:
إن ابن قيم - كما عرفت - كان من المدافعين المتحمسين عن فتيا الخليفة، وقد برر حكمه بأن المصلحة يومذاك كانت تقتضي الأخذ بما التزم به المطلق على نفسه، وقد عرفت ضعف دفاعه ووهن كلامه، ولكنه ذكر في آخر كلامه بأن المصلحة في زماننا هذا على عكس ما كان عليه زمن الخليفة، وأن تصحيح التطليق ثلاثا، جر الويلات على المسلمين في أجوائنا وبيئاتنا وصار سببا لاستهزاء الأعداء، بالدين وأهله، وأنه يجب في زماننا هذا الأخذ بمر الكتاب والسنة، وهو أنه لا يقع منه إلا واحد.
ولكنه غفل عما هو الحق في المقام وأن المصلحة في جميع الأزمنة كانت على وتيرة واحدة، وأن ما حده سبحانه من الحدود، هو المطابق لمصالح العباد ومصائرهم، وأن الشناعة والاستهزاء اللتين يذكرهما ابن قيم إنما نجمتا من الانحراف عن الطريق المهيع والاجتهاد مقابل النص بلا ضرورة مفضية إلى العدول ومن دون أن يكون هناك حرج أو كلفة، ولأجل ذلك نأتي بكلامه حتى يكون عبرة لمن يريد في زماننا هذا أن يتلاعب بالأحكام الشرعية بهذه المصالح المزعومة، وإليك نص كلامه:
هذه المسألة مما تغيرت الفتوى بها بحسب الأزمنة وأما في هذه الأزمان التي قد شكت الفروج فيها إلى ربها من مفسدة التحليل، وقبح ما يرتكبه المحللون