عصمة الإمام في الكتاب:
ومما يدل على عصمة الإمام على وجه الاطلاق قوله سبحانه: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (النساء / 59).
والاستدلال مبني على دعامتين:
1 - إن الله سبحانه أمر بطاعة أولي الأمر على وجه الاطلاق، أي في جميع الأزمنة والأمكنة وفي جميع الحالات والخصوصيات، ولم يقيد وجوب امتثال أوامرهم ونواهيهم بشئ كما هو مقتضى الآية.
2 - إن من البديهي أنه سبحانه لا يرضى لعباده الكفر والعصيان * (ولا يرضى لعباده الكفر) * (الزمر / 7).
من غير فرق بين أن يقوم به العباد ابتداء من دون تدخل أمر آمر أو نهي ناه، أو يقومون به بعد صدور أمر ونهي من أولي الأمر.
فمقتضى الجمع بين هذين الأمرين: وجوب إطاعة أولي الأمر على وجه الاطلاق وحرمة طاعتهم إذا أمروا بالعصيان، وأن يتصف أولو الأمر الذين وجبت إطاعتهم على وجه الاطلاق، بخصوصية ذاتية وعناية إلهية ربانية، تصدهم عن الأمر بالمعصية والنهي عن الطاعة. وليس هذا إلا عبارة أخرى عن كونهم معصومين، وإلا فلو كانوا غير واقعين تحت العناية، لما صح الأمر بإطاعتهم على وجه الاطلاق ولما صح الأمر بالطاعة بلا قيد وشرط. فيستكشف من إطلاق الأمر بالطاعة اشتمال المتعلق على خصوصية تصده عن الأمر بغير الطاعة.
هذه الآية تدل على عصمة من أمر الله بطاعتهم ولا تحدد مصداق المعصوم الواجب طاعته. ولكن اتفقت الأمة على عدم عصمة غير النبي والأئمة الاثني عشر، فلا محيص عن انطباقه عليهم لئلا تخلو الآية عن المصداق.