لهم دولة تحميهم، ولا قدرة ولا منعة تدفع عنهم الأخطار. وأما هذه الأعصار فلا مسوغ ولا مبرر للتقية إلا في موارد خاصة.
إن الشيعة كما ذكرنا لم تلجأ إلى التقية إلا بعد أن اضطرت إلى ذلك، وهو حق لا أعتقد أن يخالفها فيه أحد ينظر إلى الأمور بلبه لا بعواطفه، إلا أن من الأمور المسلمة في تاريخ التشيع، انحصار التقية في مستوى الفتاوى، ولم تترجم إلا قليلا على المستوى العملي، بل كانوا عمليا من أكثر الناس تضحية، وبوسع كل باحث أن يرجع إلى مواقف رجال الشيعة مع معاوية وغيره من الحكام الأمويين، والحكام العباسيين، أمثال حجر بن عدي، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وكميل بن زياد، ومئات من غيرهم، وكمواقف العلويين على امتداد التاريخ وثوراتهم المتتالية.
التقية المحرمة:
إن التقية تنقسم حسب الأحكام الخمسة، فكما أنها تجب لحفظ النفوس والأعراض والأموال، فإنها تحرم إذا ترتب عليها مفسدة أعظم، كهدم الدين وخفاء الحقيقة على الأجيال الآتية، وتسلط الأعداء على شؤون المسلمين وحرماتهم ومعابدهم، ولأجل ذلك ترى أن كثيرا من أكابر الشيعة رفضوا التقية في بعض الأحيان وقدموا أنفسهم وأرواحهم أضاحي من أجل الدين، فللتقية مواضع معينة، كما أن للقسم المحرم منها مواضع خاصة أيضا.
إن التقية في جوهرها كتم ما يحذر من إظهاره حتى يزول الخطر، فهي