نزلت معاتبة، وقال: بلى كانت عقوبة أولئك النفر بأعيانهم، ثم نزلت هذه الآية في عقوبة غيرهم ممن حارب بعدهم، فرفع عنه السمل). انتهى. (والدر المنثور: 2 / 278).
ومناقشة الوليد بن مسلم لليث، وهما من كبار الرواة عندهم، تدل على شكهم واستغرابهم نسبة المعصية والتوبيخ الإلهي إلى النبي صلى الله عليه وآله! بل نجد أن بعضهم تبرع بنفي ذلك، واكتفى بنسبة نية ذلك فقط إلى النبي صلى الله عليه وآله!
قال الطبري في تفسيره: 6 / 285: (عن السدي قال: فبعث رسول الله (ص) فأتي بهم يعني العرنيين فأراد أن يسمل أعينهم، فنهاه الله عن ذلك، وأمره أن يقيم فيهم الحدود كما أنزلها الله عليه). انتهى.
وقال الشافعي في الأم: 4 / 259: (وإذا أسر المسلمون المشركين فأرادوا قتلهم قتلوهم بضرب الأعناق، ولم يجاوزوا ذلك إلى أن يمثلوا بقطع يد، ولا رجل ولا عضو ولا مفصل، ولا بقر بطن، ولا تحريق ولا تغريق، ولا شئ يعد مثلة. وما وصفت لأن رسول الله (ص) نهى عن المثلة وقتل من قتل كما وصفت.
فإن قال قائل: قد قطع أيدي الذين استاقوا لقاحه وأرجلهم وسمل أعينهم، فإن أنس بن مالك ورجلا رويا هذا عن النبي (ص)، ثم رويا فيه أو أحدهما أن النبي (ص) لم يخطب بعد ذلك خطبة إلا أمر بالصدقة ونهى عن المثلة.
أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح أن هبار بن الأسود كان قد أصاب زينب بنت رسول الله (ص) بشئ فبعث النبي (ص) سرية فقال: إن ظفرتم بهبار بن الأسود فاجعلوه بين حزمتين من حطب ثم أحرقوه. ثم قال رسول الله (ص): سبحان الله ما ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله عز وجل، إن ظفرتم به فاقطعوا يديه ورجليه. وكان علي بن حسين ينكر حديث أنس في أصحاب اللقاح. أخبرنا ابن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن حسين قال: والله ما سمل رسول الله (ص)