بمكة، إلا ثلاث آيات من آخرها نزلت بالمدينة يوم أحد، حيث قتل حمزة ومثل به، فقال رسول الله (ص): لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بثلاثين رجلا منهم، فلما سمع المسلمون ذلك قالوا: والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط، فأنزل الله: وإن عاقبتم فعاقبوا.. إلى آخر السورة).
ولكن السيوطي مع كل هذه الروايات، مال مع جمهورهم الذين لهم غرض في إثبات أن النبي صلى الله عليه وآله قد مثل بالعرنيين، ورجح أن نزول آية العقوبة تأخر إلى فتح مكة في السنة الثامنة! قال في الدر المنثور: 4 / 135: (قوله تعالى: وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به.. الآية. أخرج الترمذي وحسنه، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، عن أبي بن كعب قال: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة منهم حمزة، فمثلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين، فقال رسول الله (ص): نصبر ولا نعاقب كفوا عن القوم إلا أربعة). انتهى. (وذكر نحوه في لباب النقول ص 121).
كما رووا نزولها في فتح مكة وقووه وصححوا حديثه: كما في مسند أحمد: 5 / 135 والترمذي: 4 / 362، والحاكم: 2 / 359 و 466، والطبراني في الكبير: 3 / 144، والشوكاني في نيل الأوطار: 8 / 172، وابن كثير في تفسيره: 2 / 614.
وأخيرا، لو سلمنا صحة رواياتهم في نزول آية العقوبة في مكة، فلا تنافي رواية نزولها في أحد قبل خمس سنوات! فليتهم سلكوا هذا المسلك العقلائي في الجمع بينها، كما في هامش تفسير الجلالين ص 510، قال: (وظاهر هذا تأخر نزولها إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد، وجمع ابن الحصار بأنها