منه إلا مثل الخرص، ورجع إلى قبته التي ضرب عليه رسول الله (ص). قالت عائشة: فحضره رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر، قالت: فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل رحماء بينهم!
قال علقمة: قلت أي أمه، فكيف كان رسول الله (ص) يصنع؟ قالت: كانت عينه لا تدمع على أحد! ولكنه كان إذا وجد فإنما هو أخذ بلحيته)!!
قال في مجمع الزوائد: 6 / 13: (قلت في الصحيح بعضه، رواه أحمد، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات). انتهى!
ومقصود عائشة أن أبا بكر وعمر أكثر رقة وإنسانية من النبي صلى الله عليه وآله فقد كانا يبكيان وينتحبان على سعد بن معاذ، عندما كان يحتضر في خيمته في المسجد، أما النبي صلى الله عليه وآله فلم يكن يبكي على أحد، بل كان إذا تأثر أو غضب، يشد بشعر بلحيته كمن يريد أن ينتفها!!
معاذ الله، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله! وكيف يصدق عاقل أن النبي العطوف الرحيم صلى الله عليه وآله كان بهذه الصفة، وقد روى الصحابة بكاءه في مناسبات عديدة، ففي البخاري: 8 / 186: (فلما دخلنا ناولوا رسول الله (ص) الصبي ونفسه تقلقل في صدره، حسبته قال كأنها شنة، فبكى رسول الله (ص)، فقال سعد بن عبادة: أتبكي؟ فقال: إنما يرحم الله من عباده الرحماء). وفي البخاري: 2 / 85: (فلما رأى القوم بكاء النبي بكوا). وفي مسلم: 7 / 76: (فدمعت عينا رسول الله فقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون). انتهى.
وكيف نصدق أن عمر كان أرق منه؟! وغلظته وشدته مضرب المثل! وهو الذي كان ينهى عن البكاء على الميت، ويضرب عليه بالسياط؟!