النبي (ص) يريد أن يقوموا من غير مواجهتهم بالأمر بالخروج لشدة حيائه فيطيل الغيبة عنهم بالتشاغل بالسلام على نسائه، وهم في شغل بالهم! وكأن أحدهم في أثناء ذلك أفاق من غفلته فخرج، وبقي الاثنان! فلما طال ذلك ووصل النبي إلى منزله فرأهما فرجع فرأياه لما رجع فحينئذ فطنا فخرجا، فدخل النبي وأنزلت الآية، فأرخى الستر بينه وبين أنس خادمه أيضا، ولم يكن له عهد بذلك.
تنبيه: ظاهر الرواية الثانية أن الآية نزلت قبل قيام القوم، والأولى وغيرها أنها نزلت بعده، فيجمع بأن المراد أنها نزلت حال قيامهم، أي أنزلها الله وقد قاموا! ووقع في رواية الجعد: فرجع فدخل البيت وأرخى الستر، وإني لفي الحجرة وهو يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي... إلى قوله: من الحق..). انتهى. (ونحوه في تحفة الأحوذي: 9 / 58) وأنت تلاحظ أن ابن حجر وافق روايات أنس في سبب نزول الآية، فكيف قبل أن سبب نزولها قول عمر، وهو يختلف عنه في السبب والمكان والزمان؟!
لم يكتفوا بموافقة الله تعالى لعمر في المعنى فقالوا حتى في اللفظ!!
جعلوا مقام عمر في الدين أنه يعظ النبي صلى الله عليه وآله وأزواجه ويغلظ عليهم! وأعطوه الحق في ذلك لأن الله تعالى كان يوافقه وينزل وحيه مفصلا على طلبه! وزادوا على ذلك بأن عمر كان يتكلم بألفاظ يتمنى نزولها في القرآن فيجعلها الله قرآنا!
وقد رأيت قول عمر في آية الحجاب فإنه (أطهر لقلوبهن) فأنزل الله كلامه قرآنا بلفظ عمر فقال: (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)!
وقال عمر بن شبة في تاريخ المدينة: 3 / 865: (موافقات أخرى: عن عروة بن رويم قال: لما أنزل الله على رسوله: ثلة من الأولين، وقليل من الآخرين، بكى عمر فقال: يا نبي الله، آمنا برسول الله (ص) وصدقناه ومن ينجو منا قليل؟ فأنزل الله