أما محاولته أن يجعل آية الحجاب متعددة، بقوله: (والمراد بآية الحجاب في بعضها قوله تعالى: يدنين عليهن من جلابيبهن، فهي محاولة هروب فاشلة من تناقض روايتهم في سبب نزولها، من أجل إثبات أنها نزلت موافقة لعمر! فآية الحجاب هي التي فيها: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن. فهي المسماة عندهم آية الحجاب، وكل الذين رووا سبب نزولها وأنه عمر أو غيره، قصدوا هذه الآية ولم يذكروا آية غيرها!
لكن ابن حجر أراد أن يجعل آية الجلابيب آية الحجاب، وهي لا تختص بنساء النبي صلى الله عليه وآله ففيها: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن! لكن التخليط جائز عندهم، ما دام الغرض إثبات منقبة لعمر!
* * ثم تعال وانظر إلى فقه الحديث عند ابن بطال الذي ارتضى كلامه ابن حجر، فهو نموذج لإصرارهم على إثبات منقبة لعمر، حتى لو استوجبت طعنا بعصمة النبي صلى الله عليه وآله وعدالته وغيرته!
قال ابن حجر في الفتح: 1 / 219: (قال ابن بطال: فقه هذا الحديث.... وفيه: مراجعة الأدنى للأعلى فيما يتبين له أنه الصواب، وحيث لا يقصد التعنت. (يقصد مراجعة عمر للنبي صلى الله عليه وآله والمراجعة تشمل مناقشته والرد عليه صلى الله عليه وآله)!
وفيه: منقبة لعمر! (أي أن الله وافقه على رأيه، وخطأ نبيه صلى الله عليه وآله)!
وفيه: جواز كلام الرجال مع النساء في الطرق الضرورية، وجواز الإغلاظ في القول لمن يقصد الخير! (يقصد كلام عمر وإغلاظه مع النبي صلى الله عليه وآله وسودة)!
وفيه: جواز وعظ الرجل أمه في الدين، لأن سودة من أمهات المؤمنين!
(يقصد أن لعمر الحق في أن ينصحها ويعظها، لكنهم حرموا نصيحة عائشة في حرب الجمل)!