____________________
وإذهاب موضوع قضية الاستحقاق، فهو واقع في طول الوعيد، وناف لموضوعه، وهو ثبوت الحق، فهو حاكم عليه، وليس في عرضه كي يلزم التكاذب بينهما، فتأمل جيدا.
وقد اتضح لك بذلك أن الوعد والوعيد ليسا من واد واحد، بل هما متعاكسان، حيث إن الوعد بالثواب سبب لثبوت الحق للعبد على ربه تعالى، ويجوز له مطالبة المولى بذلك حسب وعده الوفي الذي لا خلف فيه، ولا شبهة لدى العقل والعرف في قبح التخلف عنه كما لا شبهة في نزاهته تعالى عن ذلك. وأما الوعيد بالعقاب، فهو مسبب عن ثبوت الحق له سبحانه على عبده العاصي له، وقد تبين لك أن إسقاطه كرم وفضل، وهو في غاية الحسن.
ثم إن الخصم قد لفق لإثبات القبح العقلي في إسقاط الوعيد وجهين آخرين (١):
أحدهما: أن العفو مع عدم التوبة يوجب اجتراء العاصي، وعدم مبالاته بشيء من المعاصي، وأن تطميع المولى لعبده في ذلك مساوق لإغرائه، وهو قبيح جدا، ومناف لواجب لطفه تعالى، فإن اللطف يقتضي توقيفه عن المعصية، وأما التطميع في العفو محرض له عليها، ومساوق لإعانته على ارتكابها، وهل هو إلا قبيح لا يجوز نسبته إليه تعالى؟
وثانيهما: أن ذلك مناف أيضا لعدله، فإن المساواة بين المطيع والعاصي في دخول الجنة يستلزم إضاعة حق المطيع في احتماله مكاره الطاعة ومشاق العبادة، وصبره عن لذائذ المعاصي وشهواته النفسية، وقبح ذلك أوضح واضح، خصوصا مع وعده تعالى صريحا بعدم إضاعته أجر المطيع منهم في قوله سبحانه: ﴿إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ (2).
كما صرح أيضا بعدم إمكان المساواة بين المطيع والعاصي في قوله عز من قائل: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا
وقد اتضح لك بذلك أن الوعد والوعيد ليسا من واد واحد، بل هما متعاكسان، حيث إن الوعد بالثواب سبب لثبوت الحق للعبد على ربه تعالى، ويجوز له مطالبة المولى بذلك حسب وعده الوفي الذي لا خلف فيه، ولا شبهة لدى العقل والعرف في قبح التخلف عنه كما لا شبهة في نزاهته تعالى عن ذلك. وأما الوعيد بالعقاب، فهو مسبب عن ثبوت الحق له سبحانه على عبده العاصي له، وقد تبين لك أن إسقاطه كرم وفضل، وهو في غاية الحسن.
ثم إن الخصم قد لفق لإثبات القبح العقلي في إسقاط الوعيد وجهين آخرين (١):
أحدهما: أن العفو مع عدم التوبة يوجب اجتراء العاصي، وعدم مبالاته بشيء من المعاصي، وأن تطميع المولى لعبده في ذلك مساوق لإغرائه، وهو قبيح جدا، ومناف لواجب لطفه تعالى، فإن اللطف يقتضي توقيفه عن المعصية، وأما التطميع في العفو محرض له عليها، ومساوق لإعانته على ارتكابها، وهل هو إلا قبيح لا يجوز نسبته إليه تعالى؟
وثانيهما: أن ذلك مناف أيضا لعدله، فإن المساواة بين المطيع والعاصي في دخول الجنة يستلزم إضاعة حق المطيع في احتماله مكاره الطاعة ومشاق العبادة، وصبره عن لذائذ المعاصي وشهواته النفسية، وقبح ذلك أوضح واضح، خصوصا مع وعده تعالى صريحا بعدم إضاعته أجر المطيع منهم في قوله سبحانه: ﴿إن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ (2).
كما صرح أيضا بعدم إمكان المساواة بين المطيع والعاصي في قوله عز من قائل: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا