____________________
ثم إذ قد عرفت معنى الفناء وعلمت أنه لا يكون إلا للصورة دون المادة الأصلية:
اتضح لك أن القول بعود الأجسام بعينها يوم القيامة ليس من باب إعادة المعدوم كما عرفت، بل إنه من باب جمع المنتشر وتبديل صورة بصورة، وليس ذلك على الله بعزيز، ولا مطاردة بين ذلك وبين ما اتفقوا عليه من الاستحالة المذكورة.
لا يقال: إنه بعد تسليم الفناء ولو كان ذلك في الصورة دون المادة يعود المحذور، وهو استحالة إعادة المعدوم على ما اتفقت عليه كلمة الكل.
ووجه الاستحالة واضح، حيث إن الصورة التي هي عبارة عن الهيئة الخارجية الموجبة لتشخص الماهية ووجود المادة الأصلية - وهي السبب الوحيد لشيئية الشيء، ولا يكون تعدد الشيء ووحدته إلا بتعددها ووحدتها بالضرورة - لا يمكن تحققها خارجا إلا محفوفة بلوازم الوجود من الزمان والمكان والحالات والصفات والأعراض كما هو واضح.
وحيث إنه لا يعقل إعادة تلك اللوازم بعينها بعد فنائها بواضح الضرورة مع كونها دخيلة في إعادة الصورة المحفوفة بها والملازمة لها، فلا محيص عن القول بالاستحالة المذكورة، ولابد حينئذ من القول: إما بإعادة النفوس المجردة - على ما ذهب إليه قدماء الفلاسفة - من دون إعادة الصور الخارجية (1). وإما القول بكون الصور المعادة مغائرة للصور الدنيوية الفانية.
فإنه يقال: إن إعادة الصورة بنفسها وبحقيقتها غير ملازم لإعادة تلك اللوازم، وذلك لوضوح أنها مغائرة لذات الصورة، وغير داخلة في حقيقتها قولا واحدا بعد اعتراف المعترض - كما عرفت - بأنها من لوازمها الخارجية، وعليه فصدق الوحدة بين الصورتين غير متوقف على وحدة اللوازم الخارجة عن ذاتها، ولا يستلزم صدق إعادة الصورة المنعدمة الفانية إعادة شيء من تلك الضروريات
اتضح لك أن القول بعود الأجسام بعينها يوم القيامة ليس من باب إعادة المعدوم كما عرفت، بل إنه من باب جمع المنتشر وتبديل صورة بصورة، وليس ذلك على الله بعزيز، ولا مطاردة بين ذلك وبين ما اتفقوا عليه من الاستحالة المذكورة.
لا يقال: إنه بعد تسليم الفناء ولو كان ذلك في الصورة دون المادة يعود المحذور، وهو استحالة إعادة المعدوم على ما اتفقت عليه كلمة الكل.
ووجه الاستحالة واضح، حيث إن الصورة التي هي عبارة عن الهيئة الخارجية الموجبة لتشخص الماهية ووجود المادة الأصلية - وهي السبب الوحيد لشيئية الشيء، ولا يكون تعدد الشيء ووحدته إلا بتعددها ووحدتها بالضرورة - لا يمكن تحققها خارجا إلا محفوفة بلوازم الوجود من الزمان والمكان والحالات والصفات والأعراض كما هو واضح.
وحيث إنه لا يعقل إعادة تلك اللوازم بعينها بعد فنائها بواضح الضرورة مع كونها دخيلة في إعادة الصورة المحفوفة بها والملازمة لها، فلا محيص عن القول بالاستحالة المذكورة، ولابد حينئذ من القول: إما بإعادة النفوس المجردة - على ما ذهب إليه قدماء الفلاسفة - من دون إعادة الصور الخارجية (1). وإما القول بكون الصور المعادة مغائرة للصور الدنيوية الفانية.
فإنه يقال: إن إعادة الصورة بنفسها وبحقيقتها غير ملازم لإعادة تلك اللوازم، وذلك لوضوح أنها مغائرة لذات الصورة، وغير داخلة في حقيقتها قولا واحدا بعد اعتراف المعترض - كما عرفت - بأنها من لوازمها الخارجية، وعليه فصدق الوحدة بين الصورتين غير متوقف على وحدة اللوازم الخارجة عن ذاتها، ولا يستلزم صدق إعادة الصورة المنعدمة الفانية إعادة شيء من تلك الضروريات