نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦

____________________
وقال سبحانه مخاطبا له: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (١).
ولا شبهة أن الآيتين باعتبار ما فيهما من الجمع المحلى باللام تفيدان شمول رأفته ورحمته لكافة العالمين جمعاء، على سبيل عموم الرأفة من ربه تعالى بهم أجمع، كما قال جل وعلا: ﴿وإن الله بكم لرؤوف رحيم﴾ (2) في آيات عديدة.
وقوله عز من قائل: (الله لطيف بعباده) (3).
ولا شك في إرادة العموم في جميعها.
وقد ورد في السنة المستفيضة عنه قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " قد ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " (4).
وما هو بمضمونه في صحف الفريقين (5) ولكنه حسب اختلاف الخلائق من حيث السعادة والشقاوة ومراتبهما المختلفة كثرة وقلة يأخذ كل من المؤمنين من أمته أو سائر الأمم أيضا نصيبه الأوفى من شفاعته: إما بخلاصه من النار. وإما بتنقيص مدة إقامته فيها. وإما بتقليل صنوف العذاب المعدة له فيها إن كانوا من الأشقياء المستوجبين النار. وإما برفع درجاتهم وارتقاء مراتبهم إن كانوا من السعداء وأصحاب الجنان.
«و» بهذا الاعتبار يقال: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) على عموم رأفته ورحمته وشمول لطفه وشفاعته لكافة المؤمنين، قد «خص لطفه» بكل فرد و «كل أحد» منهم، على حسب قابليتهم واختلافاتهم في استعداداتهم وحسناتهم وسيئاتهم، فيختص كل منهم بنحو خاص وكيفية مخصوصة من أنحاء لطفه الكثيرة، وكيفيات رحمته العديدة.
وعليه، فاللطف منه (صلى الله عليه وآله وسلم) له إطلاقان: عام وخاص، والمراد من الأول منهما:
هو الشفقة المطلقة العامة ذات الأنحاء والكيفية، والمراد من الثاني: هو الكيفية

(١) الأنبياء: ١٠٧.
(٢) الحديد: ٩. الشورى: ١٩.
(٤) انظر تفسير التبيان ١: ٢١٤، مجمع البيان ١: ١٠٤، بحار الأنوار ٨: ٣٠، مجمع الزوائد ١٠:
٣٧٨
، المعجم الأوسط (الطبراني) ٦: ١٠٦.
(٥) انظر تفسير القرطبي ٥: ١٦١، بحار الأنوار ٨: ٦٢.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 292 ... » »»
الفهرست