____________________
بيان ذلك: أن «حقيقة الإنسان» الذي هو أظهر أفراد الكائنات - بل هو أشرف أنواعها - ليست عبارة عن عضلاته المرئية وجوارحه الظاهرية أو جوانحه الباطنية. بل هي عبارة عن ماهيته الأصلية، وهي «نفسه» الناطقة التي تدرك الكليات المتصورة التي لا تدركها البهائم «و» بها «قد» تميز الإنسان عنها، وهي التي «تعلقت حال الحياة» في الدنيا «بالجسد» العنصري المؤلف من العروق والأعصاب واللحم والعظم والجلد، ولكن لم يكن تعلقها وتركبها به تعلق الاختلاط والامتزاج به على سبيل تعلق الأعضاء الظاهرية في البدن، وتركب بعضها مع البعض، ولا تعلق التداخل والاختفاء على سبيل تعلق الجوانح الباطنية المتداخلة في الجسد، والمستورة بالجوارح الظاهرية.
بل كان على نحو «تعلق الآمر بالمأمور» والمحيط بالمحاط، والمدبر بالمدبر، والمسخر بالمسخر، فهي جوهر نفيس لطيف ملازم للبدن المرئي، ولكنها ليست بداخلة فيه، ولا خارجة عنه، وأنها لا تشاهد بالأبصار الظاهرية، ولا تعرف بكنهها وماهيتها الحقيقية، ولا تهتدي العقول البشرية إلى حقيقتها الأصلية، وهي خلو من اللوازم الجسمانية، فلا مكان لها ولا ثقل ولا لون ولا الأبعاد الثلاثة - طولا وعرضا وعمقا - ولا أمثال ذلك، وأنها على غاية اختفائها في شدة الظهور، ولا يمكن إنكارها من كل من فيه رائحة من الشعور.
وبذلك كله يمكن أن يقال: إن الله تعالى خلقها مسطرة عن ذاته المقدسة، ثم جعلها في الإنسان الحاوي لجهتي الروحانية والجسمانية كليهما، دون سائر الخلائق العلوية والسفلية، مع اختصاص كل من العلويين والسفليين بإحدى الجهتين، فالملائك العلويون مخصوصون بجهة الروحانية، والبهائم الصامتة وما دونها من النباتات والجمادات مخصوصون بجهة الجسمانية، وأن الخالق تعالى
بل كان على نحو «تعلق الآمر بالمأمور» والمحيط بالمحاط، والمدبر بالمدبر، والمسخر بالمسخر، فهي جوهر نفيس لطيف ملازم للبدن المرئي، ولكنها ليست بداخلة فيه، ولا خارجة عنه، وأنها لا تشاهد بالأبصار الظاهرية، ولا تعرف بكنهها وماهيتها الحقيقية، ولا تهتدي العقول البشرية إلى حقيقتها الأصلية، وهي خلو من اللوازم الجسمانية، فلا مكان لها ولا ثقل ولا لون ولا الأبعاد الثلاثة - طولا وعرضا وعمقا - ولا أمثال ذلك، وأنها على غاية اختفائها في شدة الظهور، ولا يمكن إنكارها من كل من فيه رائحة من الشعور.
وبذلك كله يمكن أن يقال: إن الله تعالى خلقها مسطرة عن ذاته المقدسة، ثم جعلها في الإنسان الحاوي لجهتي الروحانية والجسمانية كليهما، دون سائر الخلائق العلوية والسفلية، مع اختصاص كل من العلويين والسفليين بإحدى الجهتين، فالملائك العلويون مخصوصون بجهة الروحانية، والبهائم الصامتة وما دونها من النباتات والجمادات مخصوصون بجهة الجسمانية، وأن الخالق تعالى