ويقدر لم يكن حصول هذه الصفة أولى من لا حصولها.
الجواب: إنا سنبين أن علمه تعالى وقدرته نفس ذاته، وحينئذ جاز أن يكون مجرد اعتبار ذاته المخصوصة المخالفة لما عداها كافيا في استلزام اعتبار هذه الصفة، فلم قلتم أنه ليس كذلك.
البحث الرابع: في كونه تعالى مريدا وكارها اتفق المسلمون على وصفه تعالى بكونه مريدا وكارها، لكن اختلفوا في معناهما، فالأشعرية وجمهور المعتزلة أثبتوا الإرادة والكراهة زائدتين على العلم في الشاهد والغائب، وأثبتهما أبو الحسين ومن تابعه زائدتين عليه في الشاهد دون الباري تعالى. وهو المختار.
وتحقيق الكلام في شرح الإرادة والكراهة: إن الإنسان إذا علم أو ظن أو توهم مصلحة له في بعض الأفعال فإنه قد يجد من نفسه شوقا ينبعث له إلى تحصيله لما يتخيل أو يعقل فيه من الملائمة له، وكذلك إن علم أو ظن فيه مفسدة فإنه قد يجد من نفسه انصرافا وانقباضا عنه بحسب ما يعقل فيه من المنافاة، فذلك العلم أو الظن بالمصلحة هو مرادنا بالداعي وبالمفسدة هو مرادنا بالصارف، وذلك الشوق والميل الحاصل عنه هو المسمى بالإرادة، وذلك الانصراف والنفرة عنه هو المسمى بالكراهة.
أما في حق الباري تعالى فلما امتنع عليه الظن والوهم لم يكن دواعيه وصوارفه إلا علوما، ولما كان الشوق والنفرة من توابع القوى الحيوانية لم تصدق الإرادة والكراهة بالمعنى المذكور في حقه تعالى، فمعنى كونه إذن مريدا هو علمه باشتمال الفعل على المصلحة الداعية إلى إيجاده، ومعنى كونه كارها