المعصوم إما مجموع الأمة أو آحاد بعض منها، والأول باطل لأن عصمة مجموع الأمة إنما تعلم بالنقل، فهي مشروطة بصحته، فلو جعلنا النقل مشروطا بصحة عصمتهم لزم الدور وأنه محال، فتعين الثاني وهو مرادنا بالأئمة المعصومين.
لا يقال: لم لا يجوز أن تبقى محفوظة بنقل أهل التواتر. سلمناه، لكن إنما تكون محفوظة بنقل الناقل المعصوم أن لو كان ذلك الناقل بحيث يرى ويستفاد الشريعة منه، أما إذا لم يكن كذلك فلا.
لأنا نجيب عن الأول: إن نقل أهل التواتر إنما يحفظ ما نقلوه ويدل على صحته فأما لا يدل على أن الذي لم ينقلوه لم يوجد فأين أحد البابين من الآخر.
وعن الثاني: لا نسلم أنها لا تكون محفوظة بالناقل المعصوم إلا إذا كان بحيث يرى، فإن عندنا أن الشريعة محفوظة في زمان غيبته، وهي التي في أيدينا لم يفت منها شئ، فإذا اختلت وجب ظهوره لبيانها. وبالله التوفيق.
البحث الثاني:
إنا لما بينا أنه يجب أن يكون معصوما وجب أن يكون مستجمعا لأصول الكمالات النفسانية، وهي: العلم، والعفة، والشجاعة، والعدالة.
فأما العلم فلا بد وأن يكون عالما بما يحتاج إليه في الإمامة من العلوم الدينية والدنياوية كالشرعيات والسياسات والآداب وفصل الحكومات والخصومات، إذ لو جاز أن يكون جاهلا بشئ منها مع حاجة إمامته إلى ذلك لكان مخلا ببعض ما يجب عليه تعلمه، والاخلال بالواجب ينافي العصمة.
وأما العفة فلأن عدمها يستلزم إما طرف التفريط، وهو خمود الشهوة وذلك تقصير عما ينبغي، وإما طرف الإفراط، وهو الفجور وذلك أيضا مناف للعصمة.