ثانيا، فإما في ذلك الحيز وهو السكون أو في غيره وهو الحركة، وأما بطلان القسمين فلأن السكون والحركة يستلزمان الزمان، وقد علمت أنه بأجزائه ومجموعها حادث متناه، وملزوم الحادث حادث متناه، فالحركة والسكون أمران حادثان، وذلك ينافي عدم أولية الجسم. وتلخيص هذا البرهان على هذا الوجه غير محتاج إلى التطويل الذي ذكره الإمام فخر الدين في سائر كتبه.
(البرهان الثالث) كل العالم بأجزائه موجود ممكن، وكل موجود ممكن فهو حادث، فالعالم بأجزائه حادث.
أما المقدمة الأولى فلأن مرادنا من العالم كل موجود سرى واجب الوجود لذاته، وسنبين أن الواجب لذاته ليس إلا الواجد، وحينئذ يتبين أن كل ما عداه من الموجودات فهو ممكن لذاته، إذ العقل يقول كل موجود فإما أن يكون من حيث ماهيته غير قابل للعدم وهو الواجب لذاته، أو قابلا له وهو الممكن لذاته ولا واسطة.
وأما الثانية فلأنا بينا أن كل ممكن مفتقر في رجحان أحد طرفيه على الآخر إلى مؤثر، فنقول: إفادة المؤثر لوجود الأثر إما أن تحصل حال وجود الأثر أو حال عدمه، فإن حصلت حال الوجود فإما حال البقاء أو حال الحدوث، والأول باطل لأنه تحصيل للحاصل، فبقي أن يفيده الوجود حال العدم أو حال الحدوث، وعلى التقديرين فالأثر حادث، فإذن كل موجود ممكن فهو حادث وهو المطلوب.
البحث الثاني: في شبه الخصم وحلها الشبهة الأولى) وهي العمدة الكبرى لهم، قالوا كل ما لا بد منه في مؤثرية