ومنهم من أنكر كونه تعالى عالما بكل معلوم. وحجتهم: إنه لو علم كل معلوم لعلم كونه عالما به وكونه عالما بكونه عالما به وهلم جرا، فيترتب هناك مراتب من العلوم غير متناهية.
وجوابه ما مر قبله.
البحث العاشر: في أنه تعالى واحد وبرهانه المعقول والمنقول:
أما المعقول فمن وجهين:
(أحدهما) تعين واجب الوجود إن كان لأنه واجب الوجود، فأين صدق واجب الوجود صدق ذلك التعين. فواجب الوجود ليس إلا ذلك الواحد المتعين وإن كان لغيره كان معلولا لذلك الغير في وجوده فكان ممكنا. هذا خلف.
(الثاني) لو كان في الوجود واجبا وجود لاشتركا في واجب الوجود، فذلك المشترك إما أن يكون تمام ماهية كل منهما أو جزءا منهما أو خارجا عنهما.
والأول باطل لأنه لا بد أن ينفصل كل واحد منهما عن الآخر بعرضي، فذلك العرضي إن لزم عن واجب الوجود فقد اختلف اللازم للمعنى الواحد. هذا محال. وإن لزم عن غيره فكل منهما مفتقر في وجوده إلى غير خارجي، فكان ممكنا. هذا خلف.
والثاني أيضا باطل، لأنه لا بد وأن ينفصل كل منهما بفصل ذاتي، فكان كل منهما مركبا فكان ممكنا. هذا خلف.
والثالث يستلزم أن يكون واجب الوجود معلولا إما لهما أو لغيرهما.
وهو باطل.