البحث الثالث: في أقسام العوض إنه إما أن يكون مساويا للألم وهو كل ما يستحق علينا، أو أزيد وهو كل ما يستحق عليه تعالى إما بفعله أو إباحته أو أمره أو تمكينه لغير العاقل من الحيوان بخلق الشهوة للإيلام ونحوه فيه وخلقه غير عاقل بقبح وحسن فيفعل.
وقال قوم من العدلية: إن العوض على الحيوان المؤذي. وقال بعضهم:
إنه لا عوض في جنايتها أصلا.
وادعى من أوجب العوض في حكمة الله تعالى الضرورة، وحجة من أوجب العوض على المؤلم نفسه قوله صلى الله عليه وآله " يوم يقتص للجماء من القرناء " والقصاص يومئذ بأخذ العوض، وحجة من لم يوجب عليهما عوضا قوله صلى الله عليه وآله " جرح العجماء جبار ".
والجواب عن الأولى: لم لا يجوز أن يريد بالجماء المظلوم وبالقرناء الظالم على وجه الاستعارة، ووجه المشابهة مشاركة المظلوم للجماء في عدم القوة على دفع العدو وظلمه ومشاركة الظالم للقرناء في القوة على ذلك.
وعن الثانية: لم لا يجوز أن يريد بالجبار أنه لا يستحق به قصاص في الدنيا، وذلك لا ينافي وجوب العوض في حكمة الله تعالى، أما في أفعاله فقد مر الكلام فيه، وأما الأعواض في أفعالنا فلأن السلطان إذا لم ينتصف للمظلوم من الظالم ذمه العقلاء وعدوه جائرا، وذلك على الله محال، فوجب في حكمته الانتصاف وأخذ الأعواض. وبالله التوفيق.