فكانت في ذاته جهتا وجوب وإمكان، وقد ثبت أنه تعالى واجب من جميع جهاته هذا خلف. وإن كانت من غيره كان ناقصا بذاته مستفيدا للكمال من الغير، ولو كان عالما بذاته، مع أن العلم يقتضي إضافة ما بين العالم والمعلوم لم تعقل تلك الإضافة له إلا أن يكون فيه اعتباران متغايران فيكون فيه الكثرة وقد بينا أنه منزه عن الكثرة والتركيب. هذا خلف، فلهذه الشبهة نفوا عنه العلم مطلقا.
(وجوابهم) إنا سنبين أن علمه تعالى نفس ذاته لا بحصول صورة مساوية للمعلوم في ذاته، وحينئذ لا يلزم كونه قابلا وفاعلا ولا كونه مستكملا بغيره، وكذلك لا يلزمه الكثرة لوجود الإضافة، إذ الإضافة أمر تحدثها عقولنا عند الاعتبار. وبالله التوفيق.
البحث الثالث: في كونه تعالى حيا اتفق العلماء على أنه تعالى حي، إلا أنهم اختلفوا في معناه، فمن جوز أن يكون له صفة زائدة على ذاته قال الحياة صفة ثبوتية، وهم جمهور المعتزلة والأشعرية الأقدمين، ومن منع من ذلك - وهو أبو الحسين البصري ومن تابعه من متأخري المعتزلة - جعل ذلك اعتبارا سلبيا يلزم ذاته في العقل، وفسره بكونه لا يستحيل أن يعلم ويقدر، وهو سلب ضرورة العدم الصادق على الواجب والممكن، ويقرب منه اعتبار الفلاسفة بهذه الصفة في حقه تعالى.
والحق ما ذهب إليه أبو الحسين، لما سنبين أنه تعالى ليس له صفة تزيد على ذاته.
حجة الأشعري: إنه لولا اختصاص ذاته تعالى بصفة لأجلها يصح أن يعلم