الركن الرابع (في الألم والعوض) وفيه أبحاث:
البحث الأول: في تعريفهما أما الألم فقد سبق، وأما العوض فهو النفع المستحق الخالي عن تعظيم وتبجيل. وفصلناه بالمستحق عن التفضل، وبالخالي عن التعظيم عن الثواب، فإنه مستحق يقارنه التعظيم والاجلال.
البحث الثاني: في أقسام الايلام إنه إما حسن أو قبيح، والثاني مختص بفعلنا والعوض فيه علينا، والأول فأما من فعلنا وهو إما من المباح كذبح الحيوان للأكل أو من المندوب كذبحه للأضحية أو الواجب كدم النذر والكفارة، والعوض في هذه الثلاثة على الله تعالى.
وأما من فعل الله، فإما على جهة الاستحقاق كالعقاب أو الابتداء كالايلام الواصل في الدنيا من غير استحقاق وهو حسن، ووجه حسنه أمران:
(أحدهما) كونه مقابلا بعوض يزيد عليه أضعافا، بحيث لو مثل العوض والألم للمؤلم وخير بين الألم مع عوضه أو العافية لاختار الأول.
(الثاني) أن يكون فيه مصلحة لا تحصل من دونه، وهي اللطف إما للمؤلم أو لغيره، أما الأول فلأن الإيلام بدون العوض ظلم، وأما الثاني فلأن الإيلام مع العوض من دون غرض عبث، وهما محالان على الله تعالى.