واعلم أن الوجه الأول كما يدل على عصمة النبي فهو أيضا يدل على عصمة الرسل من الملائكة.
البحث الثاني:
ينبغي أن يكون منزها عن كل أمر تنفر عن قبوله، إما في خلقه كالرذائل النفسانية من الحقد والبخل والحسد والحرص ونحوها، أو في خلقه كالجذام والبرص، أو في نسبه كالزنا ودناءة الآباء، لأن جميع هذه الأمور صارف عن قبول قوله والنظر في معجزته، فكانت طهارته عنها من الألطاف التي فيها تقريب الخلق إلى طاعته واستمالة قلوبهم إليه.
البحث الثالث:
قد بينا أنه يجب أن يكون له شواهد بدعواه لغرض تصديقه، وتسمى معجزات.
والمعجز هو الأمر الخارق للعادة المطابق لدعوى النبوة المتعذر في جنسه أو صفته.
وقلنا " الخارق " لأن المعتاد وإن كان قد يكون متعذرا كطلوع الشمس من المشرق إلا أنه ليس بدليل على النبوة.
واحترزنا " بالمطابق للدعوى " عما لا يطابق، كما إذا ادعى من المعجز أنه يثير ماء بئر فغاض ماؤها، فإن ذلك خارق للعادة متعذر لكنه ليس بدليل لعدم مطابقته للدعوى.
وقلنا " المتعذر في جنسه أو صفته " لأن المعجز من فعل الله تعالى ولا يقطع