وعلى صحة الشكل المستدير وصحة الزاوية يبنى أكثر العلوم الرياضية، فلا يتم إذن شئ منها مع القول به.
وبيان المذاهب في هذه المسألة أن نقول: لا شك أن الجسم المحسوس قابل للانقسام، فتلك الانقسامات الممكنة إما أن تكون حاصلة فيه بالفعل أو بالقوة، وعلى التقديرين فإما أن تكون متناهية أو غير متناهية.
فالأول أن تكون الانقسامات فيه بالفعل متناهية إلى أجزاء لا تقبل القسمة بوجه ما، وهو قول جمهور المتكلمين.
والثاني أن تكون فيه بالفعل غير متناهية، وهو قول النظام.
والثالث أن يكون في نفسه واحدا لكنه قابل لانقسامات غير متناهية، بمعنى أن الجسم لا ينتهي في قبول القسمة إلى حد إلا ويقبل القسمة، وهو قول جمهور الفلاسفة.
والرابع أن يكون واحدا في نفسه قابلا لانقسامات بالقوة متناهية.
البحث الثاني:
الجسم مركب من أجزاء بالفعل لا تتجزى خلافا للفلاسفة.
لنا وجوه:
(الأول) إن الحركة والزمان كل منهما مركب من أجزاء لا تتجزى، فالجسم كذلك. بيان الأول: إن الآن الحاضر من الزمان يستحيل أن يكون عين الماضي أو المستقبل، وإلا لم يكن الحاضر حاضرا هذا خلف. وحينئذ فإما أن يقبل القسمة وهو باطل، لأنه إن قبلها مع أن طبيعته على التقضى والسيلان لزم أن يكون أحد جزئيه سابقا على الآخر، فالسابق ماض واللاحق مستقبل، فلا حاضر