احتجت الأشعرية على جواز إعادة المعدوم بعد فنائه: بأن ماهيته بعد العدم باقية على الجواز العقلي كما كانت، وإلا لخرج الشئ من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي، وأنه محالي. وإذا كان ممكنا والله تعالى قادر على جميع الممكنات كانت إعادة المعدوم مقدورة لله تعالى.
والجواب: إن إمكان الماهية لا نزاع فيه، إنما النزاع في إعادة الشخص الذي عدم من حيث هو ذلك الشخص، ولا نسلم أنه ممكن، وإلا فبتقدير وقوعه يلزم أن يكون معادا من حيث هو مبتدأ كما سبق.
البحث الرابع: في أن الخرق والالتيام جائزان على الأفلاك خلافا للفلاسفة لنا: إن الأجسام حادثة ومركبة من الأجزاء التي لا تتجزى على ما سبق بيانه، فكل ما يلاقيه كل واحد من تلك الأجزاء بأحد طرفيه فإنه يصح أن يلاقيه بطرفه الآخر، لاستواء طرفيه في تمام الماهية ووجوب اشتراك المتساويين في اللوازم، ومتى لقي بأحد طرفيه الشئ الذي كان يلقاه بطرفه الآخر فقد وقع الانحلال والانخراق.
(الثاني) إن تأليفها من تلك الأجزاء لما كان حاصلا بعد العدم كانت ماهيته قابلة للوجود والعدم، ولا معنى لجواز الخرق على الأفلاك إلا جواز عدم التأليف بين الأجزاء المركبة منها.
(الثالث) أن تركب الفلك من الجواهر الفرد يستلزم عدم صحة الشكل المستدير عليه، وذلك يستلزم كون حركته مستقيمة، وكل ما كانت حركته مستقيمة فالخرق جائز عليه عندهم، فإذن الخرق جائز على الأفلاك.