لكن التخصيص خير من الاضمار على ما علم في أصول الفقه.
(الخامس) قوله تعالى " وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " (1) وكلمة " على " تفيد الحال، أي ذو مغفرة لهم حال كونهم ظالمين.
(السادس) إنا سنقيم الدلالة إنشاء الله تعالى على تأثير شفاعة محمد عليه السلام في إسقاط العقاب عن عصاة أمته.
البحث الخامس:
اتفقت المعتزلة على أنه لا يجوز أن يجتمع للمكلف استحقاق الثواب والعقاب معا، ثم اختلفوا فيه إذا فعل طاعة ومعصية.
فذهب أبو علي الجبائي إلى القول بالاحباط والتكفير، ومعناه أن الطاعة إذا تعقبت المعصية - سواء كان أزيد أو أنقص - كفرت بها، وإن كان المتعقب هو المعصية أحبطت الطاعة.
وذهب أبو هاشم إلى القول بالموازنة، ومعناها أن المكلف إذا فعل طاعة ومعصية فأيهما كانت أكثر أسقطت الأخرى.
وعندنا أنه يجوز أن يجتمع له المستحقان الثواب والعقاب معا.
لنا وجهان:
(أحدهما) إن بقاء العلة التامة يستلزم بقاء المعلول، وقد كان الإيمان قبل المعصية علة تامة لاستحقاق الثواب، وهو بعينه باق بعدها، فوجب بقاء معلوله بعدها. وهذه الحجة مبنية على أن الإيمان عبارة عن التصديق القبلي، وسنبين ذلك.
وبهذه الحجة يظهر بطلان القول بالموازنة والقول بالاحباط.