الحكيم كان مناقضا لغرضه، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة: أنه تعالى أراد من المكلف الطاعة، فإذا علم أنه لا يختار الطاعة أو لا يكون أقرب إليها إلا عند فعل يفعله به لا مشقة عليه فيه ولا غضاضة وجب في الحكمة أن يفعله، إذ لو أخل به لكشف ذلك عن عدم إرادته له، وجرى ذلك مجرى من أراد من غيره حضور طعامه وعلم أو غلب ظنه إنه لا يحضر بدون رسول، فمتى لم يرسل عد مناقضا لغرضه.
بيان بطلان اللازم: إن العقلاء يعدون المناقضة للغرض سفها، وهو ضد الحكمة ونقص، والنقص عليه تعالى محال.
البحث الثاني: في أقسامه اللطف أما من فعل الله تعالى ويجب في حكمته فعله كالبعثة وإلا عد تركه نقضا لغرضه كما مر، أو من فعل المكلف فإما أن يكون لطفا في تكليف نفسه ويجب في حكمته تعالى أن يعرفه إياه ويوجبه عليه لما مر أيضا، فإن قصر المكلف في فعله فقد أتى من قبل نفسه، وذلك كمتابعة الرسل والاقتداء بهم أو في تكليف غيره، ولا يجوز في الحكمة أن يكلف ذلك الغير إلا مع علمه تعالى بأن ذلك اللطف لا بد أن يقع ثم كلفه بما ذلك لطف فيه لكان مناقضا لغرضه، وكذلك يجب في الحكمة إيجابه على فاعله كما مر، وذلك كتبليغ الرسل للوحي.
ثم لا بد وأن يشتمل على مصلحة تعود إلى فاعله، إذ إيجابه عليه لمصلحة غيره مع خلوه عن مصلحة تعود إليه ظلم، وهو عليه محال.