وهي ما كان كذلك.
ثم لما كان المعرف للشئ هو الذي يلزم من تصوره تصور ذلك الشئ وامتيازه عن غيره لم يجز أن يعرف الشئ بنفسه، لعدم إفادته تميز نفسه، ولأن المعرف يجب كونه معلوما قبل المعرف، فلو عرفنا الشئ بنفسه لزم تقدم العلم به على العلم به، فلزم تقدمه على نفسه، ولا بما هو أعم منه لأن تصور العام لا يستلزم تصور الخاص، ولا بما هو أخص لكونه أخفى، بل وجب أن يكون التعريف بما يساويه في العموم والخصوص. فذلك المساوي إما أن يكون مجموع أجزاء الشئ ويسمى حدا تاما كالحيوان الناطق للانسان، أو بعض أجزائه ويسمى حدا ناقصا كالجسم الناطق له، أو بعض أجزائه المشتركة مع أمر خارج عنه مساو له ويسمى رسما تاما كالحيوان الضاحك له. وكذلك مجموع أمور خارجة عن ماهيته مساو لها إذا ميزها عن كل ما عداها، أو مجموع أمور يميزها عن بعض ما عداها ويسمى رسما ناقصا كالحيوان البادي البشرة له.
البحث الثاني:
ظهر مما قررنا أن البسائط لا تعرف بحد، إذ لا أجزاء لها، بل تعرف بالأمور الخارجة عنها الخاصة بها البينة لها إن كانت.
ثم إن كانت أجزاء لغيرها أخذت في حده وإلا فلا يعرف بها أيضا تعريفا حديا.
وأما المركبات فتعرف بحدودها، إذ لها أجزاء لغيرها أخذت في حده أو عرضية له جاز أن تؤخذ في رسومها.