البحث السادس:
النفس عندهم تدرك الجزئيات، لأن ههنا شيئا يحمل الكلي على الجزئي وذلك الشئ مدرك لهما، لأن التصديق مسبوق بالتصور، والمدرك للكلي هو النفس فالمدرك للجزئي هو النفس، لكن إدراكها للكليات والجزئيات المفارقة بذاتها وإدراكها للجزئيات المحسوسة بواسطة القوى البدنية، لأنا إذا تخيلنا مربعا مجنحا بمربعين وميزنا بين الجناحين فهذا الامتياز ليس في الخارج فهو في الذهن، فمحل أحد الجناحين إن كان محل الثاني استحال حصول الامتياز، لأن امتياز أحدهما عن الآخر ليس بالماهية ولا بلوازمها المشتركة بين الأفراد، لكن الامتياز حاصل فمحل أحدهما غير الآخر. وذلك لا يعقل لا في الجسم والجسماني، فتلك الصورة منطبعة في آلة جسمانية وهي الخيال، والنفس تدركها بواسطة تلك الآلة.
البحث السابع:
اتفقوا على سعادة النفوس الكاملة في قوتيها النظرية والعملية، وكمال القوة النظرية بالعلوم، وأهمها في تحصيل السعادة الباقية معرفة الله، لأن اللذة هي إدراك الملائم، ولا مدرك أكمل منه تعالى، فإدراكه أتم اللذات. وكلما كان استغراق الإنسان في معرفته أتم وأوفى كانت سعادته بعد الموت أكمل وأعلى وذلك أمر يحققه العارفون به.
وأما 0 كمال القوة العملية فحصول الملكات الخلقية الفاضلة، وليست من أسباب السعادة الباقية بالذات، بل غرضها أن لا تصير النفس أميل إلى التعلق بالبدن،