سلمناه، لكن لعل فيه إضمارا، وهو قوله " ما لم يأت صاحب شريعة يرفعه " لكن استغنى عن إظهاره للعلم به، أو نطق به ولم ينقل إلينا.
سلمناه، لكن قد علمت أن الدليل النقلي لا يفيد اليقين إلا إذا لم يقم الدليل العقلي في معارضته، وههنا قد قام الدليل العقلي الدال على نبوة محمد عليه السلام معارضا لما ذكرتم، فيسقط الاستدلال به على العموم. وبالله التوفيق.
البحث الرابع:
محمد عليه السلام أفضل الأنبياء، ويدل عليه المعقول والمنقول:
أما المعقول فهو أنه صلى الله عليه وآله أكثر فيضانا للعلوم وأعم نورا من سائر الأنبياء، فوجب أن يكون أفضل.
أما الأول: فلأن شريعته بلغت أكثر بلاد العالم وانتشرت في أطراف الأرض، بخلاف سائر الأنبياء، فإن دعوة موسى عليه السلام كانت مقصورة على بني إسرائيل وهم بالنسبة إلى أمة محمد عليه السلام في غاية القلة. وأما عيسى عليه السلام فالدعوة الحقة التي جاء بها لم تبق البتة، وأما ما في أيدي النصارى مما يدعونه شريعة له فهو جهل محض وكفر صريح والاستقراء يحققه، فوجب أن لا يكون شريعة له.
وأما المنقول: فالقرآن والخبر:
أما القرآن فقوله تعالى بعد ذكر النبيين " أولئك الذين هدى الله فبهديهم اقتده " (1) أمره أن يقتدي بهم بأسرهم، فوجب أن يأتي بكل ما أتوا به، فوجب أن يحصل على مثل كمالات جميعهم، فيكون أفضل من كل واحد منهم.