الدنيا، فلا بد من القطع بوجود لذة أخرى وعالم آخر تحصل فيه الراحة التامة التي تستحقر في الوصول إليها هذه الآلام، وتلك هي الدار الآخرة في المعاد الجسماني.
البحث الثالث: في أن إعادة المعدوم بعينه محال اختلف العقلاء في أن الشئ إذا فني وعدم هل يمكن إعادته بعينه أم لا، واتفقت جملة مشائخ المعتزلة على أن إعادته ممكنة، وهو تفريع على مذهبهم أن المعدوم شئ في عدمه، فإذا عدم لم يبطل ذاته المخصوصة وإنما زالت عنه صفة الوجود، ولما كانت ذاته المخصوصة باقية في الحالين كانت إعادته ممكنة.
واتفقت الفلاسفة على أن إعادته غير ممكن، وهو قول أبي الحسين البصري ومحمود الخوارزمي، ولذلك ذهب أبو الحسين البصري إلى أن الشئ إذا عدم فمعنى عدمه تفرق أجزائه وخروجها عن حد الانتفاع لافناؤه بالكلية كما أشرنا إليه، وهو المختار.
وأما الأشعرية فإنهم يقولون إن الشئ إذا عدم فقد بطلت ذاته وصار نفيا محضا. ثم إنهم قالوا إنه يعود بعينه.
لنا: لو كانت إعادة المعدوم جائزة لكانت إعادة الوقت الذي حدث فيه أولا جائزة، لكن اللازم باطل فالملزوم كذلك. بيان الملازمة: إن الوقت الأول من شرائط وجود ذلك الشخص المعين ومشخصاته، فيستحيل وجوده ثانيا بعينه من دون ذلك الشرط. بيان بطلان اللازم: إنه لو أعيد ذلك الوقت بعينه لكان ذلك الايجاد إحداثا له في وقته الأول، فيكون من حيث هو معاد مبتدأ.
هذا خلف.