النائم قرص البراغيث مع أنه لا يعلمه.
واحتج النفاة: بأن كونه مدركا إن كان هو كونه عالما فهو المطلوب، وإن كان غيره فإما أن يكون عبارة عن الاحساس وهو باطل لاستحالة الحواس عليه تعالى، أو عن أمر آخر وهو غير معقول.
وجواب الأول: لا نسلم أن المعدومات غير مدركة لنا، فإن المفهوم المتعارف من الادراك هو لحوق العقل أو الحس للمعقول أو المحسوس، وهو بهذا الاعتبار صادق على المعدومات، ولا نسلم أنا ندرك ما لا نعلم، ولا نسلم أن النائم لا يعلم قرص البراغيث. نعم قد لا يعلم علمه بذلك، وليس كلا منافيه.
وعن الثاني: إنا بينا أن الادراك أعم من العقلي والحسي، فكان معقولا زائدا عليهما.
البحث الثامن: في أنه تعالى قادر على كل مقدور خلافا للجبائيين والبلخي والنظام وعباد الضميري.
لنا وجهان:
(أحدهما) إن صح أن يكون تعالى قادرا على كل مقدور وجب أن يكون كونه قادرا كذلك، والملزوم حق فاللازم حق. بيان الملازمة: أنه تعالى واجب الوجود من جميع جهاته، فكل ما يصح له فواجب أن يجب له، ويكفي في تحققه ذاته. وأما حقيقة الملزوم فلأن المصحح لذلك هو الإمكان، وهو قائم في كل مقدور.
(الثاني) أنه تعالى إن كان قادرا على بعض المقدورات وجب أن يكون قادرا على كلها، لكن الملزوم حق فاللازم حق. بيان الملازمة: أن ما لأجله صح أن