البحث السابع:
النظر في معرفة الله تعالى واجب عقلا، خلافا للأشعرية.
لنا: إن النظر شرط لحصول أمر واجب، وما كان شرطا للواجب كان واجبا:
أما المقدمة الأولى: فلأنه شرط لمعرفة الله تعالى وهي واجبة: أما إنه شرط للمعرفة فلأنها من الأمور الكسبية، والضرورة قاضية بأنه ما لم يحصل في الذهن وسط جامع بين حدي المطلوب لم يحصل العلم به. وقد عرفت أن تحصيل الوسط لا يمكن إلا بالنظر، فإذن المعرفة لا تحصل إلا به فكان شرطا لها.
وأما أنها واجبة فمن وجهين:
(الأول) إن دفع الضرر المظنون الذي يلحق بسبب الجهل بمعرفة الله واجب عقلا، ووجوب دفع ذلك الضرر مستلزم لوجوب المعرفة.
بيان الأول: إن المكلف الجاهل بالله يجوز أن يكون له صانع أراد منه معرفته وكلفه بها، وأنه إذا لم يعرفه عاقبه، سواء كان ذلك التجويز بخاطر خطر له أو بحسب سماعه اختلاف الناس في الديانات وإثبات الصانع، فإنه يجد من نفسه خوف عقاب مظنون لعله يلحقه على ترك المعرفة وذلك ضرر واجب الدفع عن النفس.
بيان الثاني: إن دفع ذلك الضرر لا يحصل إلا بالمعرفة، فكان وجوبه مستلزما لوجوبها.
(الثاني) لو لم يجب معرفة الله تعالى عقلا لما وجب شكر نعمه عقلا، واللازم باطل فالملزوم مثله.