البحث الثالث: في كونه تعالى ليس بجوهر الجوهر يقال في عرف العلماء بالاشتراك اللفظي على معان:
أحدها حقيقة الشئ وذاته.
الثاني الموجود الغني عن المحل.
الثالث الشئ الذي إذا وجد في الأعيان كان لا في موضوع.
الرابع القابل للصفة.
الخامس ما يكون موردا للصفات المتعاقبة.
والجوهر بالمعنى الأول والثاني صادق على الله تعالى، إذ له حقيقة غنية في الوجود عن المحل، وغير صادق عليه بالمعنى الثالث، إذ وجوده نفس حقيقته لا غيرها، ولا بالمعنى الرابع والخامس لما سنبين أنه ليس له صفة تزيد على ذاته فيقبلها ذاته وتكون معروضة لها.
لكن لما كانت أسماء الله تعالى توقيفية ولم يرد إذن من الشارع في إطلاق هذا اللفظ عليه، لم يكن إطلاقه في حقه مطلقا: أما بالاعتبارين الأولين فمن جهة اللفظ فقط، وأما بالاعتبارات الباقية فمن جهة اللفظ والمعنى معا.
البحث الرابع:
أنه تعالى ليس في مكان ولا جهة ولا حيز، خلافا للكرامية، فإنهم اتفقوا على أنه تعالى في جهة: ثم زعمت الهيصمية أنه فوق العرش في جهة لا نهاية لها وبينه وبين العرش بعد غير متناه، وزعمت العابدية أن بينهما بعدا متناهيا، وقال بعض الهيصمية أنه على العرش كما ذهب إليه سائر المجسمة.