فإن قلت: الملازمة ممنوعة. بيانه: إن العاقل وإن وجد الشهوة للقبيح والنفرة عن الحسن إلا أنه يعلم بالضرورة أن العقلاء يمدحونه على فعل الحسن ويذمونه على فعل القبيح، وكفى بالمدح والذم داعيا إلى فعل الحسن وصارفا عن القبيح وحينئذ لا يتحقق الاغراء.
قلت: المدح والذم إنما يكون من العقلاء فيما يستقل عقولهم بحسنه وقبحه دون ما ليس كذلك وهو أكثر التكاليف، فلا يكفي المدح والذم في الدعاء إلى كل واجب والانصراف عن كل قبيح، وحينئذ يتحقق الاغراء. سلمناه، ولكن كثيرا من الخلق لا يعبأ بهما وتترجح شهواتهم وميولهم الطبيعية على احتفالهم بالمدح والذم، فلا يفارقانها، وحينئذ يتحقق الاغراء. وبالله التوفيق.
البحث الرابع: في شرائطه وهو إما أن يرجع إلى المكلف أو المكلف به: أما الأول فثلاثة:
(الأول) كونه تعالى عالما بصفات الأفعال وإلا لجاز التكليف بما لا يستحق عليه ثواب وهو قبيح، وبمقدار الثواب المستحق وإلا لجاز إيصال بعض الاستحقاق فيكون ظلما، وهو محال عليه تعالى.
(الثاني) كونه قادرا على ما يستحق من الثواب للعلة المذكورة.
(الثالث) أن يكون منزها عن فعل القبيح وإلا لجاز الإخلال ببعض المستحق فيقبح التكليف.
وأما الراجع إلى المكلف فثلاثة:
(أحدها) قدرته على ما كلف به.
(الثاني) التمييز بينه وبين غيره.