المخصوص الذي بيناه.
قوله " العلم تابع للمعلوم " قلنا: لا نسلم ذلك مطلقا، بل إذا كان العلم مستفادا من المعلوم في ذاته أو في هيئته المقتضية لكونه مطابقا له، أما إذا لم يكن كذلك فلا.
البحث الخامس: في كونه تعالى سميعا بصيرا اتفق المسلمون على وصفه تعالى بهما، لكن اختلفوا في معناهما فذهب أبو الحسين البصري والكعبي إلى أنهما عبارتان عن علمه تعالى بالمسموعات والمبصرات، وهو مذهب فلاسفة الإسلام. وذهب الجمهور من الأشعري والمعتزلة والكرامية إلى أنهما صفتان زائدتان على العلم، والأول هو الحق.
لنا: إن وصفه تعالى بالسميع والبصير إما أن يراد به حقيقته اللغوية أو مجازه والأول باطل لأن حقيقة هذين الوصفين مشروطة بآلتي السمع والبصر الممتنعتين عليه تعالى، فتعين الحمل على المجاز، فنحن نحملهما على العلم المخصوص إطلاقا لاسم السبب على المسبب، وهو أقوى وجوه المجاز.
فإن قلت: ليس حمله على العلم أولى من حمله على مجاز آخر.
قلت: هذا المجاز إنما صرنا إليه لمكان المناسبة، والأصل عدم مجاز آخر ولأن سببية السماع والأبصار لحصول العلم مع العلم بخروج حقيقتهما عن الإرادة استلزمت ظن إرادة العلم مجازا، فلا يدفع ذلك الظن باحتمال إرادة مجاز آخر.
احتج الخصم بالمعقول والمنقول:
أما المعقول فمن وجهين: