قد فعلها الله تعالى على يديه تصديقا لدعواه الرسالة من عنده، فلو كان شئ منها من فعل غيره لا لغرض تصديقه لكان كاذبا فيما ادعاه. وكان الله تعالى قد مكنه مما يروج به كذبه ومكن غيره من مساعدته على ذلك، فيكون مصدقا للكاذب لكن تصديق الكاذب مستلزم لأضلال الخلق وإفسادهم وهو قبيح عقلا، فيمتنع عليه.
وعن الاحتمالات العائدة إلى الله تعالى أنه تعالى لما خلقها على يديه عقيب دعواه مطابقة لها علمنا بالضرورة كون الغرض بها تصديقه دون سائر الاحتمالات المذكورة.
وإذا ثبت أنه صلى الله عليه وآله نبي حق وجب أن يكون موصوفا بسائر خواص النبوة ولوازمها من العصمة والبراءة عن وجوه النقائص المنفرة عنه.
البحث الثاني:
اختلف المتكلمون في سبب إعجاز القرآن:
فذهب أكثر المعتزلة إلى أن سببه فصاحته البالغة.
وذهب الجويني إلى أنه الفصاحة والأسلوب، ولذلك كان في شعر العرب وخطبهم ما فصاحته كفصاحة القرآن دون إسلوبه، وكان في كلامهم ما إسلوبه كأسلوبه دون فصاحته ككلام مسيلمة.
وذهب المرتضى رحمه الله إلى أن الله تعالى صرف العرب عن معارضته، وهذا الصرف يحتمل أن يكون لسلب قدرهم، ويحتمل أن يكون لسلب دواعيهم ويحتمل أن يكون لسلب العوام التي يتمكنون بها من المعارضة. ونقل عنه أنه اختار هذا الاحتمال الأخير.
والحق أن وجه الاعجاز هو مجموع الأمور الثلاثة، وهي الفصاحة البالغة