والأسلوب والاشتمال على العلوم الشريفة. فأما كلام العرب فيوجد في بعضه الفصاحة البالغة، وأما الأسلوب فنادر وممكن عند التكلف، وقلما يمكن اجتماعهما لأن تكلف الأسلوب يذهب بالفصاحة.
وأما العلوم الشريفة الموجودة في القرآن فتعود إلى علم التوحيد وعلم الأخلاق والسياسات وكيفية السلوك إلى الله وعلم أحوال القرون الماضية، فربما وجد في كلام بعض حكمائهم كقيس بن ساعدة ونحوه ممن قرأ الكتب الإلهية السابقة شئ من تلك العلوم، فيكون ذلك منه على سبيل النقل، ومع ذلك فلا يوجد معه أسلوب القرآن وفصاحته.
والحاصل: أن كلامهم قد يوجد فيه ما يناسب بعض القرآن في الفصاحة، وهو في مناسبته له في الأسلوب أبعد. وأما في العلوم والمقاصد التي اشتملت عليها فأشد بعدا، فإن للقرآن باطنا وظاهرا كما قال صلى الله عليه وآله " إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا فيأخذ كل منه بحسب فهمه واستعداده ".
وفيه آيات كثيرة بشرت وأنذرت بحوادث مستقبلة، وذلك مما لا يفي به القوة البشرية إلا بتأييد ووحي إلهي، فتكون تلك ممتنعة في كلامهم فضلا أن يعبروا عنها بما يناسب لفظ القرآن في فصاحته وأسلوبه. وبالله التوفيق.
البحث الثالث:
نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله مبنية على جواز النسخ، ومن اليهود من منع منه عقلا وسمعا، ومنهم من أجازه عقلا وسمعا، ومنهم من أجازه عقلا ومنع منه سمعا.
لنا في جوازه عقلا وسمعا وجوه: