إلى حصول الثواب، لاستحالة اجتماع استحقاقيهما على ما سبق. وأما بطلان اللازم فبالضرورة من دين محمد عليه السلام.
الجواب: منع الملازمة، فإنا بينا أن له طريقا آخر وهو العفو.
وأما الفلاسفة فقالوا: المعصية إنما تستلزم العذاب من حيث أن حب الدنيا وقنياتها إنما بقي في جوهر النفس بعد المفارقة للبدن ولم يتمكن من الوصول إلى محبوبها، فحينئذ يعظم بلاؤها. فإذا اطلعت في بدنها على قبح هذه الأمور الفانية وحصل لها الاعتقاد الجازم بذلك زالت تلك المحبة، فبعد المفارقة لا يكون هناك عذاب بسببها.
البحث الحادي عشر:
أكثر الأمة على أن التوبة تصح عن بعض المعاصي دون البعض، خلافا لأبي هاشم.
حجتهم: إن اليهودي إذا غصب حبة ثم تاب عن اليهودية مع إصراره على غصب تلك الحبة يقبل توبته، والعلم به ضروري من الدين.
حجة أبي هاشم: إن التوبة عن القبيح إن كانت لا من حيث هو قبيح فليس بتوبة، لأنا بينا أن سبب التوبة عن القبيح هو العلم بقبحه، وما لم يتحقق السبب لا يتحقق المسبب. وإن كانت عن القبيح لما هو قبيح فالتوبة عن قبيح دون قبيح يكشف عن كون التائب تائبا عن القبيح لا لكونه قبيحا، وقد قلنا أن ذلك يمنع من كونها توبة.
والجواب: إن القبيح مقبول بحسب الأشد والأضعف، فلم لا يجوز أن يتوب الإنسان عن فعل القبيح لكونه ذلك القبيح، ولا يلزم من ذلك وجوب توبته عن كل قبيح. وبالله التوفيق.