الحصول في الحال، والموقوف على المحال محال، فحصوله يفيد كونه في الاستقبال ممتنع الحصول في الحال ممتنع والممتنع لا يمكن.
(الثالث) أن الترك عبارة عن البقاء على العدم الأصلي، والعدم الأصلي غير مقدور: أما أولا فلأن القدرة صفة مؤثرة والعدم نفي محض فلا يعقل فيه التأثير. وأما ثانيا فلأنه باق مستمر، والباقي غني عن المؤثر.
(والجواب عن الأول) إن الفعل وإن وجب عن الفاعل عند تمام مؤثريته إلا أن ذلك الوجوب بالنظر إلى الداعي لا بالنظر إلى القدرة التي يستوي الطرفان بالنسبة إليها في الصحة، وحينئذ لا يكون ذلك الايجاب منافيا للاختيار كما علمت معناهما.
(وعن الثاني) أن الممكنة من الطرفين حاصلة حال حصول أحدهما وقبله بالنظر إلى القدرة وإمكان الطرفين في ذاتيهما، سواء كان أحد الطرفين واجب الوقوع عن الداعي في الحال أو ممتنع الوقوع في الحال لعدم الداعي واجب الوقوع في الاستقبال، فإن شيئا من ذلك لا ينافي المكنة الحاصلة في الحال بالنظر إلى القدرة وإمكان الأثر في نفسه.
(وعن الثالث) هب أن مطلق العدم غير مقدور، فلم قلت أن العدم المقيد - أعني عدم الفعل المسمى بالترك - غير مقدور، لا نسلم أنه نفي محض بل هو عبارة عن عدم الفعل عما من شأنه أن يفعل.
قوله " ثانيا أنه باق كما كان والباقي غني عن المؤثر " قلنا: لا نسلم أن الباقي غني عن المؤثر، وقد سبق تقريره.
(تنبيه) واعلم أن الفلاسفة ربما ساعدونا على أن الشرطيتين المذكورتين في الحد صادقتان على الله تعالى، لكنهم يقولون أنه لا يلزم من صدق الشرطية