حس البصر - فذلك غير محل النزاع.
(الثاني) إن الباري تعالى ليس بمقابل المرائي ولا في حكم المقابل له، وكل مرئي بحس البصر فإنه يجب أن يكون مقابلا للرائي أو في حكم المقابل ينتج أن الباري تعالى ليس بمرئى بحس البصر: أما المقدمة الأولى فلأن المقابلة أو ما في حكمها كالوجه في المرآة ونحوها إنما تصح من الجسم ذي الجهة أو ما يقوم به، وقد علمت تنزهه تعالى عن الجسمية والجهة ولواحقهما. وأما الثانية فضرورية.
وأما المنقول فمن وجهين:
أحدهما قوله تعالى " لا تدركه الأبصار " (1) وجه الاستدلال إن سلب الادراك البصري من صفات الجلال والتنزيه لله تعالى، وكل ما كان سلبه من صفات الجلال والتنزيه لله كان ثبوته لشخص ما في وقت ما نقصا في حق الله تعالى، ينتج أن ثبوت الادراك البصري نقص في حق الله تعالى.
أما المقدمة الأولى: فلأن مقتضى الآية التمدح بسلب الادراك البصري عنه، لأنها في معرض المدح، وأما الثانية فبينة بنفسها، وحينئذ تبين أن القضية سالبة كلية دائمة.
الثاني قوله تعالى لموسى عليه السلام " لن تراني " (2) وجه الاستدلال أن كلمة " لن " تفيد نفي الأبد بإجماع أهل اللغة، فلو كان الله تعالى ممكن الرؤية بحاسة البصر لكانت الأنبياء عليهم السلام أولى الناس برؤيته، لكن موسى عليه السلام لا يراه فغيره كذلك لعدم الفرق، فليس تعالى مرئيا بحس البصر.