وإذا شاء لم يفعل.
والأصح أنه عبارة عن كونه بحيث إذا شاء فعل وإذا شاء لم يفعل، وبين هذا المفهوم والذي قبله فرق يدق فليتنبه له، فربما لا يحتمل شرحه هذا المختصر.
والفرق بينه وبين الموجب كالشمس في الإشراق والنار في الاحراق أمران:
أحدهما أن القادر عالم بأثره والموجب ليس كذلك، الثاني أنه يصح منه مع وجوده أن لا يفعل باعتبار ذاته ولا كذلك الموجب فإنه يمتنع منه أن لا يفعل.
إذا عرفت ذلك فنقول: مذهبنا أنه تعالى قادر. برهانه: أنه يصح منه أن لا يفعل إذا لم يشأ ويصح منه أن يفعل إذا شاء، وكل من كان كذلك كان قادرا مختارا.
أما المقدمة الأولى: فلأنا لما بينا أن العالم محدث فقبل وجود العالم لم يدعه الداعي إلى إيجاده فلم يوجده، ودعاه الداعي إلى إيجاده فيما لا يزال فأوجده، فوقوع الترك منه أزلا لعدم الداعي إلى إيجاده. ثم وقوع الفعل عنه لتعلق الداعي به مستلزم لصحتها عنه تعالى.
وأما الثانية: فلأنا لا نعني بالمختار إلا من صح منه الفعل وعدمه بحسب المشية وعدمها.
فإن قيل: لا نسلم أن الفعل والترك ممكنان بالنسبة اليه. وبيانه من وجوه:
(الأول) أنه إن استجمع جميع ما لا بد منه في المؤثرية وجب عنه الفعل، وإن لم يستجمع امتنع منه، والوجوب والامتناع في الفعل ينافيان صحته.
(الثاني) أن الممكنة من الطرفين إما أن تحصل حال حصول أحدهما أو قبل ذلك، والأول باطل، لأن الحاصل منهما حال حصوله واجب ونقيضه محال، والثاني أيضا باطل، لأن شرط الحصول في الاستقبال حصول الاستقبال الممتنع