وشرطنا الإرادة والإعلام بها لأن ما لا يعلم المكلف أن مكلفه أراد منه لا يكون تكليفا.
البحث الثاني: في حسنه ووجه حسنه أما الأول: فلأنه من فعل الله، وقد مر أنه تعالى لا يفعل القبيح.
وأما الثاني: فهو أنه تعالى لما خلق العباد وهيأهم للثواب والعقاب لم يكن إيصالهما إليهم من غير تقديم التكليف بالطاعة، لكون الثواب مشتملا على التعظيم والاجلال والعقاب مشتملا على الإهانة والاحتقار، وذلك في حق غير المستحق بامتثال التكليف وعدم امتثاله محال لعدم الشرط وهو الاستحقاق وقبيح عقلا من الحكيم.
البحث الثالث:
التكليف واجب من الحكيم تعالى خلافا للأشعرية.
لنا: لو لم يكلف من أكمل شرائط التكليف فيه لكان مغريا له بالقبيح، واللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة: أنه إذا أكمل شخص وخلق فيه الشهوة للقبيح والنفرة عن الحسن مع أن عقله لا يستقل بمعرفة كثير منهما، فلو لم يقرر في عقله وجوب الواجب ليمتثله وحرمة الحرام ليجتنبه لكان بخلقه فيه الشهوة للقبيح مغريا له به.
وأما بطلان اللازم: فلأن الإغراء بالقبيح قبيح بالضرورة، ولذلك كان العقلاء كما يذمون فاعل القبيح يذمون المغرى به، فلو فعله الله تعالى لكان فاعلا للقبيح، لكن القبيح منه محال فالاغراء منه محال.