وعن الثاني: إنا بينا أن العبد مستقل بفعله، ففعله لا يكون فعل الله تعالى، فجاز أن يستحق به الثواب منه.
البحث الثالث:
المكلف العاصي إما أن يكون كافرا أوليس، أما الكافر فأكثر الأمة على أنه مخلد في النار، وأما من ليس بكافر فإن كانت معصيته كبيرة فمن الأمة من قطع بعدم عقابه وهم المرجئة الخالصة، ومنهم من قطع بعقابه وهم المعتزلة والخوارج، ومنهم من لم يقطع بعقابه إما لأن معصيته لم يستحق بها العقاب وهو قول الأشعرية، وإما لأنه يستحق بها عقابا إلا أن الله تعالى يجوز أن يعفو عنه، وهذا هو المختار.
حجة من قطع بعدم عقاب صاحب الكبيرة: إن كل من يدخل النار مخزي يوم القيامة، وكل من أخزي فهو كافر. بيان الصغرى: قوله تعالى: ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته " (1) وصيغة من تقتضي العموم. وبيان الكبرى: قوله تعالى " إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين " (2) دلت الآية على اختصاص الخزي بالكافرين، فكل مخزى يومئد كافر، فمن ليس بكافر لا يكون مخزى فلا يدخل النار.
وأما حجة المعتزلة على القطع بالعقاب فالقرآن والخبر: أما القرآن فآيات:
(أحدها) قوله تعالى " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا