وأما المنقول: فاعلم أن هذه المسألة لا يتوقف إثبات السمع عليها، فجاز إثباتها بالسمع، والكتاب العزيز مشحون بدلائل التوحيد، كقوله تعالى " قل هو الله أحد " وقوله تعالى " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (1) وقوله " إلهكم إله واحد لا إله إلا هو " (2).
البحث الحادي عشر:
في أنه لا شئ من الصفات المعتبرة له تعالى زائدة على ذاته إلا بحسب اعتبار عقولنا عند مقايسته إلى الغير. وبرهانه من وجهين:
(أحدهما) لو كان شئ منها زائدا على ذاته في الخارج لكان إما واجبا أو ممكنا، واللازم بقسميه باطل فالملزوم كذلك. أما الملازمة: فلأن كل موجود فإما واجب أو ممكن. وأما بطلان اللازم فلأنها إن كانت واجبة الوجود لذاتها فواجب الوجود لذاته أكثر من واحد وقد علمت فساده، وإن كانت ممكنة الوجود افتقرت إلى مؤثر، فمؤثرها إما تلك الذات وهو باطل، لأنه إما أن يعتبر في مؤثرية الله تعالى في وجود الممكنات جميع الصفات التي تنبغي له أو لا يعتبر، فإن اعتبر لزم تقدم ذاته بجميع صفاته على جميع صفاته وهو محال. وإن لم يعتبر كانت تلك الصفات فضلا مستغنيا في تحقق صفاته إلى غيره. هذا خلف.
(الثاني) إله العالم ومبدعه إما أن يكون عبارة عن الذات فقط مع قطع النظر عن صفاته المعدودة، أو عنها مع تلك الصفات. والأول باطل، لأن الذات الخالية عن هذه الصفات لا تصلح للإلهية. والثاني أيضا باطل، لأن واجب