الإضافات والاعتبارات التي يحدثها عقولنا له بحسب كل معلوم متغير، فلم قلتم أن ذلك يوجب التغير في ذاته.
وجواب الثاني: بمنع الكبرى وأما المتكلمون فمنهم من زعم أنه لا يعلم الجزئيات إلا بعد وقوعها، وإنما يعلم قبل ذلك ماهياتها، وهو المنقول عن هشام بن الحكم. وحجته أنه لا شئ من الجزئيات قبل وجوده بمتميز عن غيره لكون المعدوم نفيا محضا، وكل معلوم متميز عن غيره فلا شئ من الجزئيات بمعلوم.
وجواب منع الصغرى، فإنا نميز بين الجزئيات المشخصة قبل وجودها، كتميز الكاتب لجزئيات كلمات يريد كتبها. نعم لا تكون متميزة في الخارج، لكن إذا كان مراده ذلك التميز لم يتحد الأوسط.
ومنهم من أنكر كونه عالما بما لا نهاية له. وحجتهم أن المعلوم متميز عن غيره، وكل متميز عن غيره متناه، فالمعلوم متناه، ولأنه لو لم يتناه المعلومات لم يتناه المعلوم، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله. بيان الملازمة: فلأن العلم بكل معلوم يغاير العلم بالآخر. وأما بطلان الثاني فلأنه يلزم أن يكون في ذاته علوم موجودة غير متناهية. هذا محال.
والجواب عن الأول: منع الكبرى، فإن غير المتناهي متميز عن المتناهي مع أنه لا يلزم تناهيه.
وعن الثاني: نمنع الملازمة. قوله " كان العلم بكل معلوم يغاير العلم بالآخر " قلنا سنبين أن علمه تعالى ذاته، فلا تعدد فيه إذن، وإنما يقع التعدد والتغاير في نسب أذهاننا له إلى كل معلوم، وتلك النسب غير متناهية عند انقطاع الاعتبار، فلا يلزم إذن تعدد علوم موجودة لذاته.